المؤسسة المصرية الروسية للثقافة والعلوم
المؤسسة المصرية الروسية للثقافة والعلوم
- ندوات وورش عمل . -تبادل الوفود والزيارات . - تقديم كافة الأنشطة التي تساعد فى التعرف بالدول الأخرى والتي من شأنها تقوية العلاقات الثقافية والاجتماعية -التنظيم والمشاركة فى المؤتمرات والمعارض المحلية والدولية داخل وخارج جمهورية مصر العربية -تبنى مشروعات جمع وتوثيق ونشر التراث الثقافى. -إنشاء مركز دولى للترجمة ونشاطه هو أنشاء قاعدة بيانات للمترجمين والمراجعين اللغوين والترجمات من اللغات المختلفة إلى اللغة العربية والعكس . - إدارة وتشغيل المشروعات التعليمية والأكاديمية والفنية من خلال التعاون مع الهيئات والمؤسسات. -تعليم اللغة العربية والروسية وإدارة المشروعات التعليمية بأسعار رمزية بالتعاون مع الهيئات والجامعات والمؤسسات ذات الصلة بالبلدين . -ترجمة ونشر الكتب والمجلات العلمية والثقافية وإصدارها .
المؤسسة المصرية الروسية للثقافة والعلوم

الأخبار

تأثير متصاعد: الدور الروسي في المسألة الكورية

تأثير متصاعد: الدور الروسي في المسألة الكورية

نشرت الباحثة ماري ماهر ملاك باحثة في العلوم السياسية، موضوع عن "تأثير متصاعد: الدور الروسي في المسألة الكورية"، وهو جزء من التقرير السنوي الروسي الأول عام 2020 من إصدارات "المؤسسة المصرية الروسية للثقافة والعلوم" بالتعاون مع مركز "الحوار" للدراسات السياسية والإعلامية. أشارت الباحثة ماري ماهر ملاك باحثة في العلوم السياسية شهدت الأزمة الكورية خلال العام 2019، حالة من الحراك الجاد نحو حلحاتها، من قبل الأطراف المعنية والفاعلة في النظام الدولي وعلى رأسها، الولايات المتحدة، وروسيا، والصين. حيث استأنفت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مساعيها التي كانت بدأتها العام الماضي 2018، لإحداث اختراق في الأزمة، عبر إجراء مفاوضات مباشرة بين زعيمي البلدين، وكذلك بين عدد من المسؤولين في الجانبين، وبالرغم من كونها خطوة إيجابية نحو تحريك القضية التي جُمدت لسنوات طويلة بسبب التعنت الأمريكي، إلا أنها تعتبر خطوة خجولة لا يُمكن وصفها حتى الآن بالناجحة أو الفاعلة. وفي المقابل، لم تترك روسيا الساحة الكورية التي تدخل في نطاق أمنها القومي خالية أمام المساعي الأمريكية لاختراقها وتوطيد وجودها بها، بل راحت مسرعة إلى تأكيد أنه لا تسوية نهائية للأزمة دون أن تكون طرفًا أساسيًا فيها. وفي هذا الإطار، سعت موسكو إلى اختراق الملف الكوري ولعب دور الوسيط، وكانت أهم خطواتها في هذا الاتجاه خلال هذا العام هو اللقاء الذي جمع بوتين وكيم في أبريل 2019. ومن هذا المنطلق، تناقش هذه الورقة البحثية طبيعة الدور الروسي في الأزمة الكورية والعوامل المؤثرة فيه والمحركة له، وكذلك استراتيجية موسكو لمعالجة الأزمة والخروج منها إلى أفاق أرحب من التعاون الدولي، وأخيرًا ما يتعلق بالتحديات والعقبات التي تقف في وضع هذه الاستراتيجية موضع التنفيذ الفعال. أولاً – روسيا ودورها في الأزمة الكورية.. قراءة تاريخية: ترتبط روسيا بعلاقات وثيقة مع كوريا الشمالية منذ الحقبة السوفيتية، وقد استمرت تلك العلاقات فيما بعد رغم تغيير ايدلوجيات البلدين. وتحافظ قيادة كلا البلدين على اتصالات وثيقة، حيث زار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بيونغ يانغ بعد فترة وجيزة من توليه منصبة عام 2000، واعقب ذلك زيارة عودة قام بها الرئيس الكوري الشمالي آنذاك كيم جونغ إيل، ومنذ ذلك الحين حافظ البلدان على اتصالات وثيقة على أعلى مستوى، وقد تكرر لقاء زعيما البلدان عام 2011 في سيبيريا حيث بحث الرئيس الروسي السابق ديمتري مدفيديف مع إيل مجموعة واسعة من القضايا فيما يخص العلاقات الثنائية، وكذلك القضايا الإقليمية، بما في ذلك تسوية القضية النووية في شبه الجزيرة الكورية( ). ولكن توفي إيل بعد هذا اللقاء بثلاث شهور ولم تُنفذ الاتفاقات بينهما. ودخلت روسيا مجددًا على خط الأزمة الكورية بالتزامن مع رغبة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في إحداث اختراق فيما يُخص الملف الكوري الشمالي، والذي تجلى في ثلاثة لقاءات ثنائية جمعت بين ترامب ونظيره الكوري الشمالي كيم كونغ أون، حيث استضافت سنغافورة الاجتماع الأول الذي عُقد في 12 يونيو 2018، ثم جاء اللقاء الثاني في 27 و28 فبراير 2019 في هانوي بفيتنام، وأخيرًا استضافت الأراضي الكورية الشمالية اللقاء الثالث بين الزعيمين في 30 يونيو 2019 في المنطقة المنزوعة السلاح بين الكوريتين على جانب الحدود الشمالية( ). وترغب روسيا في استئناف محادثات المجموعة السداسية بشأن كوريا مرة أخرى والتي تضم الكوريتين الشمالية والجنوبية وروسيا والصين واليابان والولايات المتحدة، والتي كانت تهدف إلى تشكيل نظام دعم السلام والأمن في شمال شرق آسيا( )، وهي التي توقفت منذ ديسمبر 2008، وانسحبت منها بيونغ يانغ رسميًا في أبريل 2009 قبل شهر على قيامها بتجربة نووية. ثانيًا – محددات الدور الروسي في الأزمة الكورية: مثلت الأزمة الكورية نموذجًا لعودة روسيا القوية إلى الساحة الدولية عمومًا، وعلى صعيدها الإقليمي خصوصًا، حين تمكنت من إحداث اختراق بها بعد أن سيطرت قمتي ترامب وكيم في سنغافورة وفيتنام على الصحف ووسائل الإعلام العالمية لفترة طويلة. وتعددت الأسباب والمحددات التي دفعت روسيا إلى القيام بدور فاعل في الأزمة الكورية، ومن أبرزها ما يأتي: 1. الحفاظ على استراتيجية أمنية في شرق آسيا: تكتسب منطقة شرق آسيا أهمية استراتيجية في السياسة الخارجية الروسية، حيث تسعى موسكو إلى بناء نظام أمني في شمال شرق آسيا. وبالرغم من أن روسيا تشترك مع الولايات المتحدة في ضرورة إخلاء شبه الجزيرة الكورية من أسلحة الدمار الشامل، إلا أنها تعارض الدعوات الدولية وبخاصة الأمريكية بتقديم تنازلات أحادية من بيونغ يانغ دون أن تكون هناك تنازلات مقابلة وبخاصة في ملف رفع العقوبات. وتعارض موسكو أيضًا بشكل قاطع القيام بأي عمل عسكري. كما أنها لن تسمح بأن يكون ذلك في مقابل أن توطدت واشنطن نفوذها في البلد التي تعتبرها موسكو حائط الصد ضد النفوذ الأمريكي، وبخاصة العسكري، في إقليم شرق آسيا الحيوي، وهو الوجود الذي يتجسد في القواعد العسكرية في اليابان وكوريا الجنوبية؛ حيث تستضيف اليابان 112 قاعدة أمريكية يتمركز بها 39345 جندي، فيما تعتبر كوريا الجنوبية ثالث أكبر مستقبل للقوات الأمريكية بواقع 34805 جندي يتمركزون في 83 قاعدة( ). 2. رفض الانفراد الأمريكي بحل الأزمة: تدعم روسيا عملية السلام في شبه الجزيرة الكورية، ولا تمانع من دور أمريكي في هذا الإطار، لكنها أرادت في ذات الوقت أن تبعث برسالة إلى واشنطن مفادها أنها ليست الوحيدة القادرة على وضع الأجندة الخاصة ببرنامج بيونغ يانغ النووي، فجاء اللقاء الذي جمع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بنظيره الكوري الشمالي كيم جونغ أون في حرم جامعة الشرق الأقصى الفيدرالية بمدينة فلاديفوستوك بجزيرة روسكي على المحيط الهادي، في الخامس والعشرين من أبريل 2019، وهو اللقاء الذي يُعتبر الأول من نوعه بين الزعيمين، كما أنه الأول أيضًا بين زعيم روسي وكوري منذ اللقاء الذي جمع الرئيس الروسي السابق ديمتري مدفيديف مع كيم جون إيل والد كيم جونغ أون عام 2011 السابق الإشارة إليه( ). ثالثا – اللقاء الروسي – الكوري الشمالي.. الدوافع والفوائد: جاء اللقاء بين بوتين وكيم بعد فشل المحادثات بين ترامب وكيم في هانوي 27 و28 فبراير 2019، وكأنها رسالة إلى الإدارة الأمريكية أنه بدون دور روسي فاعل في القضية فلن تجد طريقها إلى الحل، وبهذا المعنى تحدث وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف، في تصريحات له قبل القمة، حيث أكد أن أي اتفاق للولايات المتحدة مع كوريا الشمالية يجب في نهاية المطاف أن يتم إقراره من الدول المعنية في المنطقة، وذكر أن هذه الدول هي روسيا وكوريا الجنوبية والصين واليابان( ). وبالرغم من أن قمة بوتين – كيم لم تتجاوز ثلاثة ساعات ونصف، ولم يُسفر عنها أي بيانات مشتركة أو التوقيع على اتفاقيات ثنائية إلا أنها حملت إشارات متعددة ومزدوجة من وروسيا وكوريا الشمالية إلى البيت الأبيض وخاصة إلى المتشددين أمثال وزير الخارجية مايك بومبيو ومستشار الأمن القومي السابق جون بولتون. فعلى جانب، أراد بوتين أن يؤكد للإدارة الأمريكية أن موسكو لا تزال لاعب دولي فاعل ومؤثر في القضايا الدولية خاصة تلك التي تمس أمنها القومي بشكل مباشر، وأنه إذا كانت هناك رغبة في الوصول إلى تسوية ما للأزمة عبر المحادثات، فإنه يجب التحدث إلى بوتين أولا، وأن واشنطن غير قادرة على عزل موسكو بواسطة العقوبات( ). وقد أتاح اللقاء لبوتين فرصة أفضل لعرض رؤيته لكيفية حل الوضع في شبه الجزيرة الكورية وما الذي يمكن لروسيا أن تفعله لدعم العملية الإيجابية التي تجري هناك. وقد وصف كيم اللقاء بالمفيد جدًا والودي، هذا وقد قبل بوتين على الفور دعوة نظيره الشمالي لزيارة بيونغ يانغ. أما على الجانب الآخر، أراد كونغ أون إظهار أن مستقبل بلاده الاقتصادي لا يعتمد فقط على الولايات المتحدة وأنه لا يُمكن الاعتماد على نوايا ترامب الحسنة فقط ووعودة المتكررة برفع العقوبات التي لم يُنفذ منها شئ حتى الآن، حيث شكل اللقاء فرصة للزعيم الكوري الشمالي للحصول على دعم قطب دولي فاعل ومؤثر خاصة أنه يدرك أن الضغط الأمريكي من المرجح أن يستمر في التزايد خلال الفترة المقبلة، كما أنه كان فرصة أيضًا لتجديد العلاقات مع حليف قديم؛ فقد كان الاتحاد السوفيتي، وليس الصين، هو الشريك الرئيسي لبيونغ يانغ في وقت من الاوقات. وكذلك مكن الاجتماع كيم من رفع صورته ومكانته فهو لقاء مع الرئيس الروسي بوتين( ). ويؤكد هذا اللقاء مكانة روسيا في النظام الدولي والتي أصبح لها دور فاعل في العديد من القضايا على الساحة العالمية، وهي المكانة التي نجح بوتين في استرادادها بعد فترة من التراجع عقب سقوط الاتحاد السوفيتي مباشرة وتربع الولايات المتحدة بمفردها على عرش النظام الدولي. وقد كررت روسيا تأكيدها على ضرورة ألا تقتصر المفاوضات مع كوريا على الطرف الأمريكي حيث دعا لافروف، خلال مؤتمر صحفي مع نظيره الصيني وانغ يي، خلال مؤتمر صحفي في مايو 2019، إلى إقامة حوار ثلاثي بين موسكو وبكين وواشنطن بشان الأزمة في شبه الجزيرة الكورية، مؤكدًا أن هذا من شأنه أن يحقق نجاحًا في اختراق الأزمة( ).وفي وقت لاحق، وبالتزامن مع قمة ترامب – كيم في 30 يونيو 2019، أكد رئيس لجنة العلاقات الدولية في مجلس الاتحاد الروسي، قسطنطين كوساتشوف، أنه بدون مشاركة روسيا والصين، لن يكون هناك حلا طويل الأجل للمشكلة في شبه الجزيرة الكورية( ). ولا تقتصر أهمية تلك الزيارة على بعدها السياسي فقط، بل تتجاوزه لتكتسب أهمية اقتصادية خاصة إذا أُخذ في الاعتبار أن حجم التعاون الاقتصادي بين البلدين لا يزال أقل من المستوى المطلوب، فعلى سبيل المثال، بلغ حجم التبادل التجاري بينهما 34 مليون دولار فقط خلال العام الماضي 2018، كما أن الاستثمارات الروسية في البنية التحتية في كوريا الشمالية أعيقت بسبب العقوبات الدولية المفروضة على بيونغ يانغ، كذلك يمثل التحالف بين الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية عقبة أمام تحقيق التعاون في مجال الطاقة بين روسيا وكوريا( ). وفي هذا الإطار، يسعى الجانبان إلى تطوير تلك العلاقات لما سيكون لها من مردود إيجابي على اقتصادهما، وقد كان هذا العامل أحد الدوافع الأساسية لسعي البلدان إنهاء الأزمة. فمن ناحية، تسعى روسيا إلى رفع العقوبات الدولية المفروضة على بيونغ يانغ حتى تتمكن من رفع حجم التبادل التجاري معها، وزيادة الاستثمار في ذلك البلد الذي يمتلك مخزون هائل من المعادن يُقدر بنحو 200 نوع تمشل احتياطيات كبيرة من الفحم والحديد والزنك والنحاس والجرافيت والذهب والفضة والمغنيسيوم والنيكل والتنجستن، كما أنها تمتلك أنواع نادرة من المعادن، وتُقدر القيمة الإجمالية لمخزون المعادن في كوريا الشمالية بأكثر من 2.79 تريليون دولار( ). ومن الناحية الأخرى، أراد كيم جونغ أون الحصول على الدعم الروسي في مواجهة العقوبات الدولية. ومن الجدير هنا الإشارة إلى أن الأمم المتحدة تفرض حظرًا كاملًا على تجارة المعادن في كوريا الشمالية بسبب زيادة التجارب الصاروخية والنووية، ومن أبرز المعادن التي خضعت للحظر؛ الفحم، والحديد، وخام الحديد، والنحاس، والنيكل، والفضة، والزنك. كما تم فرض عقوبات على كيانات روسية وصينية تتعامل مع كوريا الشمالية بحجة أنها تخرق العقوبات الدولية المفروضة على نظام كيم، فعلى سبيل المثال، أعادت شركات روسية تصدير الفحم الكوري الشمالي ونقل النفط والبترول إلى دول أخرى( ). وتحتاج بيونغ يانغ إلى الحفاظ على علاقات قوية مع روسيا حيث يعمل هناك عدد كبير من العمال الكوريين الشماليين، يصل عددهم إلى نحو 10 آلاف شخص، الذين هم مصدر مهم لتحديد احتياطات كوريا الشمالية من العملات الأجنبية. كما يسعى البلدان إلى تنفيذ مقترح مد خط سكة حديد يمتد من سيبريا إلى كوريا الجنوبية عبر الأراضي الكورية الشمالية وأيضًا مد خط كهرباء وخط أنابيب للغاز من الاتحاد الروسي إلى جمهورية كوريا عبر أراضي كوريا الديمقراطية، وهي المشاريع التي من شأنها أن توثق العلاقة بين البلاد الثلاثة وأن تُحد بشكل كبير من التوتر في شبه الجزيرة الكورية( ). كما يسعى البلدان إلى إقامة روابط في مجالات الصحة والتعاون العلمي والتقني، ويعقد البلدان في هذا الإطار اجتماعات دورية للجنة الحكومية المشتركة للتعاون التجاري والاقتصادي والعلمي والتقني، وقد كان آخرها في أبريل الماضي حيث اتفق الجانبان على اتخاذ إجراءات فعالة في مختلف المجالات لرفع العلاقات التجارية والاقتصادية ذات المنفعة المتبادلة إلى مستوى أعلى. رابعًا – الرؤية الروسية لحل الأزمة الكورية تتشابه الرؤية الروسية لحل المسألة النووية الكورية مع رؤيتها للتعامل مع البرنامج النووي الإيراني، وهي الرؤية التي تقوم على الحل السلمي للأزمة من خلال الدعوة لمفاوضات مباشرة وغير مباشرة تحضرها كل من الولايات المتحدة وروسيا والصين واليابان وكوريا الجنوبية للاتفاق على جدول زمني لإيقاف التجارب النووية والتخلص من كل أسلحة الدمار الشامل الكورية. وترتكز الرؤية الروسية على هدفين: 1. هدف سياسي: ويتعلق بمساعي موسكو للتوصل إلى صياغة ما تقوم على وقف البرنامجين النووي والبالستي لكوريا الشمالية مقابل وقف المناورات المشتركة بين الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية، على أن يتم ذلك عبر اتباع مسار سلمي يقوم على المفاوضات المباشرة أو غير المباشرة، مع التأكيد المستمر على الرفض التام للخيار العسكري الذي سيكون مكلفًا للجميع ولا أحد يستطيع التكهن بنتائجه( ). وتجدر الإشارة هنا إلى أن روسيا تسعى، كهدف نهائي، إلى إخراج القوات الأمريكية العسكرية من شبه الجزيرة الكورية، وهو نفس الهدف الذي تسعى إليه الصين أيضًا نظرًا لإمتلاكها حدود ممتده مع كوريا الجنوبية بحوالي 1416 كيلومتر. 3. هدف اقتصادي: ويعتبر مكمل للهدف السياسي، وبدونه لن يتحقق، حيث إنه يتعلق برفع، أو على الأقل، تقليل العقوبات الدولية المفروضة على كوريا الشمالية تدريجيًا، ما من شأنه أن يحسن أجواء المفاوضات، وبدون ذلك لن تستجيب بيونغ يانغ إلى المطالب الدولية بتفكيك برنامجها النووي حيث أنها لن تقبل بتنازلات من جانب واحد، وقد كان هذا السبب الرئيسي لفشل مفاوضات هانوي بين ترامب وكيم حينما رفض الرئيس الأمريكي عرض نظيره الكوري الشمالي بتفكيك البرنامج النووي تدريجيًا وعلى مراحل مقابل تقليل العقوبات الأمريكية إلا أن ترامب رفض العرض وتمسك بتفكيك كامل للبرنامج النووي الكوري الشمالي( ).

خامسًا – التحديات أمام تنفيذ رؤية موسكو لحل الأزمة: بالرغم من المساعي الروسية الحثيثة لدعم تسوية سلمية للأزمة الكورية، إلا أنه مازال هناك عقبات تقف في طريق تنفيذ الاستراتيجية الروسية في هذا الإطار، وهي التي يُمكن رصدها على النحو التالي: 1. تراجع الدور الروسي في الأزمة لصالح الدور الصيني: تخلت روسيا لفترة طويلة عن القيام بدور رئيسي في الأزمة الكورية، ولم تتدخل في الملف الكوري سوى عبر البوابة الصينية، وتركت الأمر كليًا إلى الصين إذ كانت تترك لها مهمة تمثيل المصالح الكورية الشمالية والدفاع عنها في المحافل الدولية. وقد بدأ التباعد الروسي الكوري في التسعينيات حينما اتجهت روسيا للاندماج في النظام الرأسمالي العالمي، وقد وجدت الصين أنه من الضروري ملأ هذا الفراغ. وتعتبر كوريا الشمالية منطقة نفوذ مباشر للصين، حيث إنها تمثل خط عازل بين الصين والقوات العسكرية الغربية، وبخاصة الأمريكية، في كوريا الجنوبية، وهو ما يجعل انهياره يعني احتمال وجود تحالف أمريكي على حدود الصين، وقد دفع ذلك البلدين إلى توقيع معاهدة تعاون وصداقة تضمن توافر مظلة عسكرية صينية لكوريا الشمالية حال تعرضها لهجوم عسكري. وأيضًا هناك اعتماد تجاري متبادل بين البلدين، فمن جانب تُعتبر التجارة مع كوريا الشمالية مصدرًا مهمًا لدخل العديد من المدن الصينية المتاخمة لها، والتي تعتمد بشكل أساسي على الفحم والتصنيع، فعلى سبيل المثال، يأتي 40% من التجارة في مدينة داندونغ الحدودية الصينية، وعلى الجانب الآخر تسيطر الصين على الاقتصاد الكوري الشمالي، الذي لا يتجاوز حجمه 28 مليار دولار، حيث تستورد الصين 85% من صادرات كوريا، وتستثمر 6 مليارات دولار في بيونغ يانغ. وقد نتج عن المعطيات السابقة أن أصبحت الصين تتعامل بحذر شديد مع أي طرف خارجي يسعى للدخول في الأزمة، كما أن ذلك جعل منها لاعب رئيسي ومؤثر في أي مفاوضات تتعلق بإقناع بيونغ يانغ بالتخلي عن ترسانتها من الأسلحة النووية. وبالرغم من النفوذ الصيني الكبير في كوريا الشمالية إلا أنها تتشارك مع موسكو في الرؤية لحل الأزمة والتي تقوم على ضرورة اللجوء للحل السلمي للنزاع في شبه الجزيرة الكورية، وعلى إثر ذلك بلور البلدان، في 2017، خريطة طريق للتسوية الكورية، تقوم على مبدأ "التجميد المتبادل" بحيث توقف كوريا الشمالية تجاربها النووية والصاروخية الباليستية، مقابل إلغاء واشنطن التدريبات العسكرية الواسعة النطاق مع كوريا الجنوبية. 2. تعارض المصالح الأمريكية الروسية في هذه الأزمة: رغم أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب رحب في تصريحات علنية بوساطة روسية في الأزمة الكورية، وبالرغم من اتفاق البلدان على ضرورة إخلاء شبه الجزيرة الكورية من السلاح النووي، إلا أن مصالح الصراع الجيوستراتيجي في شرق آسيا تجعل من روسيا – بالنسبة للولايات المتحدة -خصمًا لا يُمكن السماح له بالتمدد على حساب المصالح الأمريكية. وعلى جانب آخر، يتعارض المسعى النهائي للولايات المتحدة بشأن تسوية الأزمة مع مصالح الأمن القومي الروسي؛ فالهدف النهائي للولايات المتحدة هو توحيد كوريا بطريقة أو بأخرى تحت مظلة كوريا الجنوبية، حيث لا تعتبر واشنطن أن إجراء إصلاحات في النظام السياسي والاقتصادي أمر يتناسب مع المؤسسات الأمريكية، التي أقنعت نفسها على مدار عقود من الزمان بأن كوريا الشمالية تجسيد لجميع الشرور التي تتناقض تمامًا مع النموذج الأيديولوجي الأمريكي. ولكن هذا يعني بالنسبة لروسيا وصول النفوذ الأمريكي إلى حدودها الشرقية، وفي هذا الإطار، تهدف روسيا إلى تقليل الإمكانات النووية لكوريا الشمالية إلى الحد الأدنى، عبر وقف عدد من البرامج الخاصة بإنشاء الصواريخ الباليستية العابرة للقارات وتطوير المواد الانشطارية، ثم البدء في تقليل المخزون النووي إلا أن يتم إنهاء برنامج بيونغ يانغ للأسلحة النووي، مع الحفاظ على برنامج نووي سلمي( )، وكل هذا في إطار الحفاظ على النظام السياسي والاقتصادي هناك. في ضوء كل ما سبق يُمكن القول أنه لايزال الأمر مبكرًا للحديث عن دور روسي فاعل في الأزمة الكورية في ظل التحديات المتعددة التي تعوق القيام بهذا الدور، إلا أن مجريات الأحداث في الوقت الحالي أثبتت أن موسكو قادرة إلى حد كبير جدًا على أن تلعب دور الوسيط، وأن تنقل وجهة النظر الكورية إلى الأطراف الأخرى وبخاصة إلى الصين والولايات المتحدة. بل أن أي تسوية مقبلة لن تتم دون وجود روسيا كطرف أساسي فيها. وفي هذا الخصوص يُمكن لروسيا أن تتبنى إنشاء آليات دولية متعددة الأطراف لحل أزمة نزع السلاح النووي والصاروخي من كوريا الشمالية وقضية بناء نظام سلام في شبه الجزيرة الكورية، وذلك عبر لعب دور نشط في ضمانات السلام المتعدد الأطراف، وتوفير الضمانات الأمنية لكوريا الشمالية. قائمة المراجع: أولاً-باللغة العربية: 1. "إشارات إلى واشنطن. لماذا التقى قادة روسيا وكوريا الشمالية؟"، بتاريخ: 25 أبريل 2019، متاح على الرابط التالي: https://republic.ru/posts/93622. 2. "الأزمة الكورية.. لافروف يدعو لإنشاء آلية ثلاثية مع بكين وواشطن"، الأناضول، 13 مايو 2019، متاح على الرابط التالي: http://bit.ly/2VyCBu9 . 3. "التأثير المتزايد للصين في الدبلوماسية الإقليمية"، KBS world، بتاريخ: 3 أكتوبر 2019، متاح على الرابط التالي: http://bit.ly/3cet3tX. 4. "السلام في شبه الجزيرة الكورية. ما هو دور روسيا؟"، فالداي، بتاريخ: 2 أبريل 2019، متاح على الرابط التالي: http://bit.ly/2TjidKF. 5. "المحادثات السداسية حول كوريا الشمالية مثالية وروسيا لا تشك باستئنافها"، سبوتنك، بتاريخ: 19 يوليو 2019، متاح على الرابط التالي: http://bit.ly/32E68Ec. 6. "أول تعليق من روسيا على لقاء ترامب وكيم"، سبوتنيك، بتاريخ: 30 يونيو 2019، متاح على الرابط التالي: https://arabic.sputniknews.com/russia/201906301042045806. 7. "خبير: يجب أن تصبح روسيا الضامن لنظام السلام في شبه الجزيرة الكورية"، بتاريخ: 27 فبراير 2019، متاح على الرابط التالي: http://bit.ly/399vigj. 8. "رحلة إلى إقليم بريمورسكي. لقاء مع زعيم كوريا الديمقراطية كيم جونغ أون"، موقع الكرملين، بتاريخ: 25 أبريل 2019، متاح على الرابط التالي: http://bit.ly/2T94veD. 9. "علاقات روسيا مع كوريا الديمقراطية"، موقع وزارة الخارجية الروسية، متاح على الرابط التالي: http://www.mid.ru/ru/maps/kp/?currentpage=main-country. 10. "قمة بوتين - كيم وخسارة ترامب"، بتاريخ: 26 أبريل 2019، متاح على الرابط التالي: https://ria.ru/20190426/1553056797.html. 11. "لقاء مع زعيم كوريا الشمالية يسمح لبوتين بزيادة النفوذ"، بتاريخ: 25 أبريل 20199، متاح على الرابط التالي: http://bit.ly/396LIpx. 12. "ما هو حجم تواجد القوات العسكرية الأمريكية في اليابان وكوريا الجنوبية؟"، دويتش فيلة، 25 مايو 2018، متاح على الرابط التالي: https://www.dw.com/ar/. 13. "معدن كوريا الشمالية بـ10 تريليونات!" عرب إيكونوميك نيوز، بتاريخ: 14 سبتمبر 2017، متاح على الرابط التالي: http://bit.ly/32Clzg3. 14. "من المستفيد من الوضع الحالي في شبه الجزيرة الكورية؟"، فالداي، بتاريخ: 11 يوليو 2019، متاح على الرابط التالي: http://bit.ly/2Vs1zLC. 15. كوريا الشمالية تملك كنز معادن بـ 2.79 تريليون دولار"، الاقتصادية، بتاريخ: 2 أكتوبر 2017، متاح على الرابط التالي: http://bit.ly/2wbuVDk . ثانيًا - باللغة الإنجليزية: 1. “Trump meets Kim at Korean Demilitarized Zone”, DW, 30 June 2019, available at: http://bit.ly/2PufmNH.

اضف تعليق