هذا الكتاب الموجود بيد يدي القارئ الآن مترجم عن الطبعة الروسية، وكان اكتشاف عالم الجسيمات الأولية الشاسع الأطراف حطم هذا الأمل فقد أتضح أن لوحة الأمس الرائعة لم تكن إلا بداية لوحة تكوين المادة المستقبلية، ولو أننا أضفنا إلي لوحة الأمس مئات من جسيمات المادة التي اكتشفت فإن اللوحة الجديدة لن تمنحنا سوي الإحساس بكوننا أمام شيء غير مفهوم ومشوش جدا، ومعقد ولا نشعر بوضوحه إلا في حالة ما إذا وضع كل جسيم في الصورة العامة في المكان المخصص له، وعندئذ ستري العلاقة المتبادلة بين كل الأجزاء المنفصلة المكونة للكل.
كتاب "أسرار عالم الجسيمات الدقيقة" الموجود بيد يدي القارئ الآن مترجم عن الطبعة الروسية، وهو كتاب للمؤلف "ف. تشيرنوجوروفا" ضمن مجموعة وسلسلة العلم للجميع، والهدف من هذا الكتاب تمكين القارئ غير المتخصص من الإلمام بالعلوم المختلفة، ودورها في حياة البشر مثل دور الفزيائيين في الكشف عن بدء الجسيم الأولي الجديد ثم يجدون له مكانا في الصورة العامة لبناء المادة أما الآن ولأول مرة بدأ العلماء التجريبيون العمل ولديهم مهمة دقيقة حددها العلماء النظريون لهم، وكان العلماء في ذلك الوقت مهتمين جداً بالإشعاع الكوني الذي يظهر في طبقات الجو العليا للأرض، وكانوا يدرسون ميكانيزم التأثير المتبادل للأشعة الكونية مع مادة الجو محاولين قياس طاقتها بواسطة غرفة ويلسون وهي عبارة عن جهاز بسيط فيه يبرد البخار فوق المشبع، ويتقطر علي هيئة قطرات ضباب علي الأيونات التي يتركها وراءه جسيم مشحون بطير خلال الغرفة وكتب الأكاديمي "م . ماركوف" يقول: إن مصطلح الجسيمات الأولية بمغزاه الأولي كان يجب أن يعني أبسط الجسيمات التي تتكون منها المادة، ولكن ألم نتسرع في تسمية البروتونات والنيترونات والجسيمات الأخرى بهذه التسمية؟ وهل أن الهيبرونات والرنينات الثقيلة التي تتفتت لحظيا تشبه ابسط جزيئات المادة؟ وهذا يعني أنه ما كان يمكن تفسير تجارب هوفشتادتر إلا بكون الجسيمات الأولية عبارة عن كيانات ذات بعد معين، وكيف يصور العلماء الآن التركيب الكهرومغناطيسي للبروتون والنيترون؟ ولا يمكن طلب أعادة تكوين التركيب الدقيق للجسيم الأولي من الفيزيائيين الذين يدرسون عالم الجسيمات الصغيرة علي أساس المعطيات التجريبية عن التشتت.